الخميس، ٢٣ ربيع الآخر ١٤٢٨ هـ

مجتمع تخنقه الخشية

في البداية يجب أن أعترف:أكثر من أربع سنين قضيتها بين ظهراني الكيان المسمى بهتانا «جامعة»، لم أحضر فيها مسرحية واحدة. كنت قبل المجيء إلى هنا أتوقع أن تكون النشاطات اللا صفية حوتا يلتهم وقتي، لكني كنت مخطئا. نتيجة لسيطرة تيار معين على جميع الأنشطة الطلابية، فقدت اهتمامي بالأمر تماما. بالتالي، ليس من عادتي التوقف كثيرا أمام البوسترات التي تعلن عن المسرحيات في الجامعة، لكن هذه المرة كان أحد الأسماء مألوفا جدا: «تأليف: أ. هديل الحضيف». حسنا، أنا أعرف فتاة اسمها هديل الحضيف، لكن «الأستاذة»؟ بداية حسبته تشابه أسماء، لكن زيارة سريعة لمدونة هديل التي أعرفها نفت تلك الشبهة. أصدقكم القول أني لا أستسيغ كثيرا مسألة الألقاب هذه، وأرفض أن يناديني أحد بأي لقب. لا أدري ما رأيالأستاذة هديل الحضيف حول هذه المسألة.

كنت طوال الطريق إلى الجامعة (طبعا بما أن المشوار لا يتجاوز العشر دقائق فهذه مبالغة) أتضرع إلى االله أن يخلف المنظمون توقعاتي ويبدأ العرض حسب الموعد المعلن. لا حاجة للقول أن ذلك لم يحصل. ما إن تبوأت مقعدي حتى جاءني شخص وسألني إن كنت أحمد العمران. كنت كذلك، وكان هو مدونا اسمه سعد الدريهم، اتضح فيما بعد أن مخرج المسرحية هو زميل له في كلية الهندسة. تبادلنا الأحاديث لبعض الوقت حول التدوين وأمور أخرى إلى أن بدأ العرض.

على عكس ما كنت أتوقع كان عدد الحضور كبيرا، وهو أمر مشجع، لكن كالعادة لا يخلو الأمر من منغصات. بعض الحاضرين لم يبدُ أنه يبالي كثيرا بالعرض وكان «يسولف» مع جاره بأعلى صوت ممكن. آخرون بدا أن لا شيء أكثر إمتاعا لهم من التحدث مع أبطال المسرحية. وآخرون احترفوا التصفيق والتصفير بمناسبة أو بدونها. رغم أني ذهبت إلى قاعة الشيخ حمد الجاسر مبقيا سقف توقعاتي منخفضا بقدر ما أستطيع، إلا أنني خرجت مرتاحا بعد أن استمتعت بعرض كان أكثر من جيد. لا أود الخوض في التفاصيل، لذلك سأختصر. أعجبني: استخدام الرمز في النص وقابليته لاتساع التأويل، استخدام الإضاءة إلى حد ما، وأداء بطل المسرحية. لم يعجبني: المؤثرات الصوتية بما في ذلك صوت الأبواب الذي كان مفتعلا جدا، شكل خشبة المسرح (الديكور)، وسوء التنظيم.

بعد انتهاء العرض، وبينما كنت واقفا في مكاني أبحث عن صورة لألتقطها، اقترب مني شخص آخر، وقدم نفسه لي: المدون عبد الرحمن الجاراالله. تحدثنا وتحدثنا، ثم خرجنا سويا من قاعة الشيخ حمد الجاسر وافترقنا عند مدخل البهو على وعد بالتواصل. سعيد أنني لم أفوّت المسرحية، وفخور أنا بقدرات أبناء وبنات هذه الأرض. طبعا كان من المؤسف أن مؤلفة المسرحية لم تكن قادرة على حضورها لأسباب أقل ما يقال عنها (...)، لكن تلك قصة أخرى. ربما في وقت آخر.

هناك تعليقان (٢):

  1. أهلا احمد.‏
    الجميل في الأمر أن الجامعة تنظم مسرحيات. وهذا بحد ذاته مؤشر جيد بغض النظر عن مستوى العمل المقدّم.‏
    المسرح لا بد له من بنية تحتية قوية لكي ينهض ويزدهر. وهذه ليست متوفرة حاليا لان المناخ الثقافي لا يشجع ‏على ازدهار المسرح وغيره من الفنون.‏
    لكن ما يطمئن أن الشباب المتطلع للتغيير رغم القيود الكثيرة ما تزال روحه متوثبة وقادرة على تحدي الظروف ‏وتجاوز الحواجز التي تريد إبقاء المجتمع رهينة للجمود والتخلف.‏
    تحياتي.‏

    ردحذف
  2. غير معرف٢٤/٤/٢٨ ١٧:٥٥

    شكراً أحمد،
    شكراً جزيلاً، فانطباعك يعني الكثير، لأنه من زاوية أخرى غير المعتادة..

    أما شأن المسرح الجامعي، فهو مبكٍ كحال كل الأنشطة الثقافية الأخرى.. و سبق أن كتبتُ عنه هنا،

    http://www.hdeel.ws/blog/?p=9

    الآن تخرجت من الجامعة، بقي أن نؤسس لثقافة فنية شاملة، في المجتمع، في الجامعة، حتى تعويد صغارنا من أخوة وأبناء على تذوق الفن الراقي أياً كان.. بما أن المدارس تحظر كلمة (فن) بين جدرانها!

    ---------
    ع الهامش:
    لم أرغب بالأستاذية، وما سعيت لها يوماً:D

    ردحذف