الخميس، ٣١ أغسطس ٢٠٠٦

الرجال مظاهر

قبل عام تقريبا، قررت أن لا أقص شعر رأسي، وأن أجعله ينمو على سجيته لبعض الوقت. بعد ستة أشهر من ذلك، غيرت تسريحة شعري كي تناسب طوله الجديد. هذا التغيير في المظهر الخارجي فاجأ معظم الأقارب، لكن أحدا منهم لم يملك شيئا ليقوله حول هذا الأمر. بعد ذلك بفترة، علمت من أمي أن جدتي وعمي غير راضيان أبدا عن شعري الطويل، لكنهما لم يكلماني حول هذا الأمر، وهو شيء أحسبه لهما. الشخص الوحيد الذي كلمني حول الأمر هو خالي الذي يسكن جدة، وكان قد جاء إلى الشرقية لقضاء إجازته مع العائلة. هل كنت أظن أن حياته في مدينة متحررة إلى حد ما ستجعله ينظر بطريقة مختلفة عن التقليديين من أقاربي؟ لا، لكنني لم أتوقع أن يقوم بمناقشتي حول الموضوع. أيضا، أحسب له أنه ناقشني بهدوء، ثم قال لي أني مسؤول عن تصرفاتي وواع بمصلحتي. لا أريد هنا أن أسجل التلميحات التي سمعتها حول هذا الأمر، لأن عددها لا يحصى، ولأنني لا أكترث كثيرا لمثل هذه التلميحات. اليوم قررت أنه قد جاء وقت التغيير، فقمت بقص شعري الطويل. عدت إلى المنزل، حيث كان الأقارب مجتمعون بمناسبة خروج شقيقي الأصغر من المستشفى بعد عملية جراحية. حالما دخلت للسلام، فوجئت بعاصفة عارمة من الفرح والاحتفاء والزغاريد. لم أكن أدرك أن شعري الطويل كان السبب في أزمة قلق عائلية، ولم أتوقع أن قصه سيتحول إلى احتفالية أنستهم شقيقي المريض.

المغزى من هذه الحكاية؟ المغزى هو أن مجتمع الفضيلة الذي أعيش فيه، والذي لا يمل من تكرار التبجح بترابطه وتماسكه، وارتقائه عن المجتمعات الأخرى (الحيوانية) في الغرب والشرق، وبعاداته وتقاليده البالية في نصفها والعديمة المنطق في نصفها الآخر، كان يعيش حالة من القلق العصابي بشأن قصة شعر على رأس أحد أفراده الأقل أهمية. بكل صدق، أستغرب ذلك التركيز على المظهر الخارجي للإنسان في مجتمعنا، بدلا من التركيز على ما هو أهم مثل أخلاقياته أو طريقة تعامله مع الآخرين. فجدتي - أطال الله في عمرها - ورغم أني أحد أكثر أبناءها وأحفادها برا بها - بلا مبالغة أو غرور - لم تغفر لي قصة شعر، واحتفلت بتخلصي منها كما لو كنت ضالا وقد اهتديت. خلال الشهور القليلة الماضية ظهرت صوري في الصحف عدة مرات، وتمت مقابلتي في وسائل إعلام مختلفة، ونشرت مقالة لي في مجلة؛ حصل كل هذا، ولم يكلف أي شخص من هؤلاء نفسه أن يهنئني أو يجاملني بكلمة لطيفة، لكن عندما قصصت شعري غمرت باحتفاء لم يكن على البال. أشعر بالإحباط. ألا يحق لي ذلك؟

هناك ١٥ تعليقًا:

  1. اهلا احمد. موضوع رائع بالفعل خاصة ما تضمنه من عنصر المفارقة عندما يتجاهل الاقارب انجازات الانسان ويبدون اهتماما اكثر من اللازم بالمظاهر والشكليات.
    شخصيا نشأ لدي انطباع ان العائلة في مجتمعنا معنية بمظهر كل فرد من افرادها واذكر قصة احد معارفنا الذي قص شعر احد ابنائه اثناء نومه بعد ان اعيته الحيلة وفشل في اقناعه بالتخلص من شعره الطويل. في الغرب كما تعرف يحتفون كثيرا بالحريات واهمها الحرية الشخصية اما عندنا فتذوب شخصية الفرد في شخصية الجماعة ومن يشذ فانما يشذ في النار كما يقول تراثنا. ثم هناك النسق الاستبدادي الذي يتخلل كل شان من شئون حياتنا من خلال السلطوية المتعددة الادوات والمظاهر.
    احسنت عندما تحدثت عن العادات البالية لكنك نسيت ان تذكر ما اذا كان قرارك بقص شعرك مدفوعا برغبة ما في التغيير ام سببه حرصك على ارضاء العائلة فحسب.
    تحياتي

    ردحذف
  2. غير معرف١/٩/٠٦ ٢٢:١٠

    السلام عليكم
    أول شيء نعيماً
    بالنسبة لقصات الشعر أنا بصراحة ممن ينفرون من بعض الشباب ممن يطيلون شعورهم بشكل غريب ويتفننون بإظهار غرابته
    هي حريتهم هم
    لكن من كان له شعر فليكرمه
    الرسول عليه الصلاة والسلام عندما يطيل شعره يهتم به
    فالمسألة كما أعتقد ليست تمسكاً بعادات بالية كما تقول لكنها مجرد إحساس بالهوية التي بدأت تتلاشى بالمظاهر التي أصبحنا نراها بكثرة فمحاولة عائلتك قد تكون رداً لإرجاعك للهوية التي نتمسك بآخر رمق لها
    الهوية هي التي يجب علينا أن لا ننساها وننساق وراء آخرين لن ينسونا وسيحاولون دائماً تذكيرنا بمسقط رؤوسنا وهويتنا التي سنصبح ان لم نحافظ عليها خجلين بها
    و ما يشوف اخوك شر
    في امان الله

    ردحذف
  3. السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته أما بعد:
    أدعوكم إلى الإعلان مجانا في موقعي مقابل نشر موقعي في الروابط وشكرا

    e-mail: seifworld@aol.com
    WebSite: seifworld.blogspot.com

    ردحذف
  4. غير معرف٢/٩/٠٦ ٠١:٣٠

    بروم: قصصت شعري برغبتي، ولو كنت أحرص على رضاهم لكنت فعلت ذلك قبل أشهر. كما ذكرت، الحرية الشخصية مفهوم لا مكان له في ثقافتنا.

    الفيلسوف: إذا كانت هويتنا متعلقة بقصة شعر فهي هوية لا يهمني كثيرا أن أحافظ عليها. من المؤسف أن يعتقد بعضنا أن هويتنا ضعيفة إلى درجة أن قصة شعر أو قطعة من الملابس تهددها وتؤزمها. والشر ما يجيك إن شاء الله.

    سيف: وعليك السلام والرحمة. هذا ليس مكانا لنشر إعلاناتك.

    ردحذف
  5. غير معرف٢/٩/٠٦ ٠٨:٢٥

    حسناً الهوية ان تأصلت بالداخل ستظهر بالخارج مهما حاولنا القول بأنها حرية لا تؤثر على انطباع الناس عنا
    الهوية تكون بالباطن أولاً وأخيراً والظاهر هو الذي يثبت وجودها
    هويتنا ضعيفة بسبب احجامنا عنها لمظاهر اخرى
    ما دمنا ننظر للهوية بأنها تسيطر علينا ولا تريد ان تتركنا فمن الطبيعي أن نتركها ونلقي باللائمة على العادات البالية كما تقول
    هناك فرق بين الهوية الاسلامية وغيرها مما طغت عليها العادات والتقاليد والأعراف

    ردحذف
  6. أشعر عزيزي أن في داخل مجتمعاتنا حالة من عدم الثقة، هي التي تفسر أي تغيير - قد يكون كان مقبولا في الماضي - على أنه اليوم انحراف واتجاه نحو الضلال
    **

    وما من شك أن من يريد أن يمارس فرديته فعليه أن يتحمل الكثير، حتى وان كانت اختياراته متعلقة بالمنظر .
    **
    هذا حتى تعود الثقة لمجتمعاتنا، ولا يصيبنا الرهاب من تغييرات شكلية، لاتؤثر في المضمون .
    **

    ربما يكون سبب هذا الرهاب هو ضغط بعض الشرائح على الجماهير وتخويفهم من أي تغيير واعطائهم تفسيرات مجانية غير صحيحة .
    **

    تحياتي لك.. وسعيد بزيارتي لمدونتك .

    ردحذف
  7. That was weird!! But well said man, I can relate to what you written.

    ردحذف
  8. غير معرف٣/٩/٠٦ ١٩:٢٥

    ربما لم يكن اعتراضهم على الفكرة نفسها ، بقدر ما كان اعتراضهم على - بشاعة - المنظر ..
    فلم يكن شعرك من النوع الذي يمكن إطالته على أي حال ..

    ردحذف
  9. g-tea have you no manners at all? Clearly your mother did not raise you well.

    Ahmed: We live in a society that only cares for the outward appearance: my cousin's friend was married off recently. On her second night with her husband he beat her to a bloody pulp. The guy was drunk. Al7amdellah she managed to get away. When my cousin asked her why she married him in the first place she said, "we thought he was religious, he had a long beard and his thobe was short too". You would think that when it comes to something as important as marriage people would be less concerned with appearances, but this is Saudi and logic is an alien concept here (e.g g-tea).

    ردحذف
  10. غير معرف٤/٩/٠٦ ٠٠:١٦

    شاي أخضر: اسمع يا هذا، منذ مايو الماضي وأنا أتجاهلك تماما، لكنك واصلت رغما عن ذلك محاولاتك الرخيصة للنيل والانتقاص مني، ولا زلت. إذا كنت تعتقد أنك قادر على أن توقف ترفعي عن الرد عليك فأنت مخطئ. لا أمارس الرقابة على التعليقات في مدوناتي، لكنني لن أسمح بأي حال من الأحوال أن تستخدم هذه المساحة لتوجيه الإهانات إلى الآخرين. أنت شخص غير مرحب به هنا.

    ردحذف
  11. غير معرف٤/٩/٠٦ ١٢:١٥

    شاي أخضر لا داعي لهذا الاسلوب أبداً

    ردحذف
  12. غير معرف٤/٩/٠٦ ١٢:١٧

    شاي أخضر لا يوجد أي داعي لهذا الاسلوب الاستفزازي

    ردحذف
  13. غير معرف٥/٩/٠٦ ١٩:٤٨

    مرحباً يا ذا الشعر الطويل :)

    في الحقيقة لا بد أن نحترم آراء من هم أكبر منا وخصوصاً إذا كانوا من أقاربنا... أنت وأنا ونحن جميعاً لا نعيش في هذه الدنيا لوحدنا... بل نتشارك الحياة وخصوصاً الحياة اليومية... فكما أنك ترى بأنهم ولا بد أن ينظروا إليك بالطريقة التي تتوقعها فهم أيضاً ينتظرون منك على الأقل أن تحترم آراؤهم وتقاليدهم وعاداتهم... أليس كذلك؟؟

    عندما رأيتك أول مرة في إجتماعنا الأول لمدوني الشرقية تسائلت إن كنت من النوع الذي يحب إطالة شعره فقط لمخالفة الذين من حوله سواءاً أهله أو أصدقائه أو المجتمع بأكمله... أي ينظر إلى أن يكون متميزاً في شكله سواءاً أكان هذا التميز مقبولاً عند الآخرين أم لا...

    في ذلك الوقت وبعد إندماجنا في الإجتماع والحوارات اللذيذة :)... غفلت عن التفكير في موضوع شعرك... أذكر أني أنا شخصياً كنت من الذين يطيلون شعورهم وذلك أيام الجامعة أي أيام المراهقة... وكنت لا آبه بشكلي ولا هندامي كثيراً سوى أن ألبس ما أراه أنا مناسباً وكنت أثير بعض الأمور لإغاضة أهلي فقط أي أن أعمل ما أراه عكس ما يريدونه ولم أكترث لكونه صحيحاً أم لا!!!

    بعد مرور الأيام وبتفتيح العقل لتقبل آراء الآخرين لي شخصياً بدأت نوعاً ما بالتأقلم مع الواقع الذي أعيش وبدأت أغير في كثير من الأمور الشخصية الخارجية حتى أبقى بشكل مقبول للآخرين لأنني لست أعيش لوحدي في هذه الدنيا...

    بخصوص العادات والتقاليد التي ترى نصفها بالي والنصف الآخر غير منطقي فربما لأنك في سن يدفعك إلى الاستقلالية وهو ما يمكن أن يصور لك ذلك... وصدقني أن عاداتنا وتقاليدنا التي لا تخالف الشرع لها ما يبررها وعاجلاً أو آجلاً ستعي بأهميتها وخصوصاً إذا وصلت إلى وضع تحتاج فيه إليها لتحل لك مشكلة ما...

    في رأيي المتواضع بأن شعرك لا يصلح أن تطيله لكونه ليس من النوع الذي يتقبل ذلك... ويمكن أن تستعين بأي حلاق لكي تستشيره في الطريقة التي يمكن أن تتبعها لكي تبقي على تميزك ويجعل منظره مقبولاً لنفسك أولاً ومن ثم لأهلك والآخرين... والحلاق التركي أكثر من يبدع في هذا المجال...


    تحياتي؛؛؛

    ردحذف
  14. غير معرف٥/٩/٠٦ ٢٠:٤٩

    مرحباً أحمد

    في مجتمع لا يقبل الإختلاف في المظهر .. و يوجب عليك أن تكون "منتمياً" له بلبسك و طول شعرك و شواربك .. لا تستغرب .. لا تستغرب أبداً ... لأننا في مجتمع يؤطر تشكيلك حسب رأيه و هواه .. و ليس حسب ما تقدم أو تعطي.. فما تعمله لا يعني شيئاً .. بل يسألون عنك "وشو من لحية؟" .. و ليس ما هي مؤهلاته .. و ماهي إنجازاته؟
    لن تنفك تواجه مثل هذه المواقف .. بسبب توافه مثل طول شعرك .. أو أمور أهم مثل من تكون.. و أنت أخبر :)

    ردحذف
  15. غير معرف٦/٩/٠٦ ٠٠:١٠

    أبو سعد: لا أفهم كيف يمكن أن تقلل قصة شعر من احترام الآخرين لك، إلا إذا كانت قمة الاحترام في نظرك هي الامتثال لأوامر الآخرين بشأن المظهر الخارجي. أعتذر إن كانت قصة شعري قد شغلتك أثناء اجتماعنا، وأتمنى أن لا يكون لون قميصي أو الكتاب الذي أحضرته قد شغلك أيضا، فكما يبدو أن هذه الأشياء السابقة كانت أهم بكثير من أي شيء يمكن أن أقوله أو يقوله الحاضرون. في الاجتماع القادم سأحرص على عدم الحضور حتى لا أشغلك، أو أي من الحضور، عن التفكير فيما هو أهم من مظهري الخارجي. إن كنت تعتقد أن اختياراتي فيما يتعلق بمظهري الخارجي تهدف إلى لفت نظر الآخرين أو إغاظتهم فأنت مخطىء، لأنني أعتقد أن لدي الكثير مما يمكن يلفت نظرهم بعيدا عن المظهر، لكن إن اختاروا هم أن يركزوا على المظهر ويتركوا كل شيء آخر فهذا شأنهم، وفيه إشارة لافتة إلى مستوى وطريقة تفكيرهم. للجميع أن يلتزموا بالعادات والتقاليد كما شاؤوا، لكن بالنسبة لي فأعتقد أن لي الحق الكامل ومطلق الحرية في أن أفعل ما أريد ما دام لا يخالف تعاليم الدين، وليس عادات وتقاليد وضعها بشر آخرون. أخيرا، لم يكن المغزى مما كتبتُه أن أسمع النصائح فيما يتعلق بقصات الشعر وأنواعها. من الطريف أن تختتم تعليقك بهذا الأسلوب الأبوي. علي أن أعود للنص وأتأكد إن كنت قد طلبت أي اقتراحات تتعلق بقصات الشعر، فهذا خارج الموضوع نهائيا.

    أبو جوري: أحيانا أكاد أتفهم أن يشعر مجتمع أو دين بأنه مهدد بفكر أو مذهب، لكن ما لا أفهمه هو كيف يشعر مجتمع بأنه مهدد من قصة شعر أو قطعة قماش توضع على الوجه. أعني: هل ثقافتنا ضعيفة وهشة إلى درجة أن أمورا تافهة مثل ما جئت على ذكره هنا تستنفر لها الطاقات وتُشحذ لها السيوف والأقلام؟

    ردحذف