الأحد، ٢٣ أبريل ٢٠٠٦

هند والعسكر

نادرا ما أقتني كتابا لأقوم بقراءته على الفور، لأني أكون عادة في منتصف كتاب آخر، بالإضافة إلى أن عندي قائمة طويلة من الكتب التي تنتظر دورها في القراءة. رواية «هند والعسكر» للكاتبة السعودية بدرية البشر لم تكن استثناء. ما شجعني لاقتناء هذه الرواية هو إعجابي بالكاتبة من خلال قراءتي الدائمة لعمودها بصحيفة الشرق الأوسط، لكن ما قرأته في مدونة فؤاد الفرحان جعلني مترددا في أن أبدأها بعد أن انتهائي من آخر كتاب قرأته. محمد، أعز أصدقائي وشريك سكني المسرف، كان قد سبقني إلى قراءة الرواية قبل فترة، وقال لي إنها رواية جيدة ولن تأخذ وقتا طويلا مني. على هذا الأساس، أخذت الرواية معي في رحلتي لزيارة أهلي في الأحساء نهاية الأسبوع الفارط، لكنني لم أخصص وقتا للقراءة لأني وقتي كان ضيقا أصلا. بدأت القراءة في القطار المغادر للرياض، وأنهيت أكثر من ثلثي الرواية، البالغ عدد صفحاتها 208 صفحات، قبل وصولي إلى الأحساء؛ أما الصفحات القليلة المتبقية فقد قرأتها أثناء انتظاري لدوري في الحلاق.

الرواية، كما قد يبدو من عنوانها، تحكي قصة «هند»: امرأة نجدية شابة تعيش حياة مليئة بالإحباطات؛ أما «العسكر» فهو وصف لا يقتصر على زوجها – ثم طليقها لاحقا – الذي يعمل في قوات الأمن، وإنما على جميع أفراد المجتمع الذين حرموها من حقوقها وحولوا حياتها إلى جحيم. يمكن النظر إلى هذه الرواية في سياق الحراك الاجتماعي والثقافي في المملكة حاليا كصرخة أخرى تدعو لحقوق المرأة وحرية التعبير. وقد تمكنت البشر من وضع تلك الطروحات التي تنشرها عبر مقالاتها في وعاء أدبي بديع؛ فأسلوبها السهل الموشى بكثير من السخرية في كتاباتها الصحفية تحول إلى أسلوب متكلف – على نحو إيجابي – وشائق تتخلله المرارة التي نتذوقها بوضوح على لسان البطلة في معظم الأوقات. لكن تعدد الشخوص التي تعيش حولها مع تفاوت الضوء الملقى على كل منها، قد يكون مربكا بعض الشيء: خلال عدة مناسبات، وجدت نفسي أتوقف عند قراءة اسم أحد الشخصيات محاولا تذكر صلتها بالبطلة وماذا قامت به سابقا. لغة الرواية جنحت إلى السرد في كثير من الأحيان، فيما مالت إلى شاعرية مفرطة في أحيان أخرى، خصوصا حين يتعلق الأمر بعلاقات «هند» سواء مع البشر أو مع أشياء أخرى كالقهوة مثلا.

والآن، إلى مقارنة قد لا تكون منطقية، لكنها شر لا بد منه، وهي المقارنة مع رواية «بنات الرياض» لرجاء الصانع؛ على أساس أن هذه الرواية قد شكلت ظاهرة فارقة وسط الإصدارات المحلية الأخيرة. أرى أن «هند والعسكر» تتفوق بمراحل: لغتها أكثر سلاسة وعذوبة، حبكتها الدرامية أكثر إحكاما، وتكنيك الكتابة فيها أكثر تقدما. كان كثير من الاهتمام حول «بنات الرياض» متعلقا باسم الرواية، فيما أعتقد أن محتوى كثير من الأعمال التي طرحت مؤخرا كان أجدر بأن يثير جدلا يفوق ذلك المثار حول رواية الصانع بكثير. فقضايا كالعبودية، والإساءة إلى الأطفال، والتطرف الديني هي أهم من جنون المراهقة وسني عبثها رغم أن لذلك لذة لا أنكرها.

أعجبتني الرواية، وعلى وجه الخصوص استخدام الكاتبة للرموز وتوظيفها في النص. ما لم يعجبني هو أن بعض الأجزاء كانت متوقعة تماما: فمنذ أن التقت «هند» بـ«وليد» عرفت أنهما سيتنهيان معا، ومنذ أن لاحت بوادر تطرف «إبراهيم» حتى أيقنت بأنه سيلقى نهاية مأساوية. ألم يكن من الممكن أن لا تقع «هند» في حب أول رجل يدخل مكتبها والذي هو ليس سوى – يا للمفاجأة! – شقيق زميلتها بالعمل؟ ألم تكن الكاتبة قادرة على غض الطرف عن مصير «إبراهيم» على أساس أن القارىء قادر على تنبأ ذلك؟ في النهاية، لحسن الحظ أن الرواية تنتهي نهاية سعيدة نسبيا (أو يمكنك اعتبارها تعيسة بناء على موقفك من البطلة، على اعتبار أنها قررت أن تختبر علاقة خارج الزواج!).

من الغريب أن يد الرقيب القذرة لم تطل هذا الكتاب، فهو متوفر في المكتبات الكبرى في المملكة، كما يمكنك طلبه من النيل والفرات. هذاالأمر لا يقتصر على هذه الرواية، وإنما على العديد من الإصدارات التي أثارت جدلا مؤخرا، مثل رواية «ملامح» لزينب حفني (الرواية عندي لكنها تنتظر دورها في القراءة. سأخبركم برأيي فيها لاحقا)، والتي سماها البعض «بنات جدة» منددين بتناولها للعلاقات الجنسية، بما في ذلك علاقة مثلية أنثوية! . ولا شك أن هذ أحد ما يثير غضب الإسلاميين الذين لا ينادون فقط بإقالة وزير الإعلام الحالي إياد مدني، وإنما بتحويله إلى محكمة الشرعية يدقون فيها عنقه كما يحلو لهم. (!!) أخيرا، أنصح بقراءة «هند والعسكر» لبدرية البشر، وتقييمي هو 3.75 من 5.

هناك ٧ تعليقات:

  1. غير معرف٢٣/٤/٠٦ ١٠:٤١

    I just finished reading this novel last week.
    I think it is an ok novel although I expected to be better.I agree with the points you mentioned in reference to some characters actions and events. However, comparision to Rajaa's novel is not fair for one reason, Al-Bisher has more experience in writing (articles in newspapers, and published shortstories collections)& life.
    I am currently reading 'Setter' for Rajaa Aalem. And if you do come accross it, you will be surprised of the resemblances in the atmosphere of both novels in terms of saudi females love fate and misery(notice both writers in late 30s-50s).I guess both novels are a must read for Saudi contemparary novels. Anyway, nice review, I enjoyed it :)

    ردحذف
  2. t7mst agraha.. thing is ma shft ay e3lan about it.. but sounds interesting, it's on my reading list..

    ردحذف
  3. احمد ما شاء الله عليك كاتب ممتاز

    لكن مكن اطلب طلب منك؟؟

    انا بنت عمري 16 سنة.. واكتب.. وعندي منتدى

    لكن قسم الثقافة والشعر والامور الادبية

    ما في حد يهتم فيه عندي فلو تقدر مثلا

    انك تشترك معنا هناك وتحط مقالاتك وهالامور..

    بكون ممنونة الك كتير

    اسمي هناك روح متمردة وانا المديرة العامة..

    المنتدى هو:

    www.arbstar.net/vb/

    ردحذف
  4. على فكرة الي فترة بتابع كتابات..

    من حوالي اربع اشهر ولكن ما علقت ولا مرة لانو ما عرفت كيف

    ردحذف
  5. انا وضعت هند والعسكر بالمنتدى وكتبت انها بقلم شاب سعودي

    اتأسف لو لم اخذ الاذن لكنني لم اعرف كيف اوصلك الخبر

    ردحذف
  6. قرأت رواية ملامح لزينب حفني وبصراحة لم أستسغها إطلاقاً .. شعرت أن بالغت في الكثير من الوقائع ولم تعطي الأحداث واقعيتها ..

    تبدو رواية هند والعسكر ممتعة وتعليقك عليها يشجعني أمثر على قراءتها ..

    ردحذف
  7. غير معرف٢٨/٣/٠٨ ٠١:٢٥

    القذر انت وشكلك


    يد الرقيب تقف ضد من شكالتك الحثالة

    الباغية لحقوق المراة


    الا سلام اعطا المرة حقوقة يجاهل

    ردحذف