الأربعاء، ٢٦ أكتوبر ٢٠٠٥

لا فائدة

أهلا بكم إلى العالم السفلي للمدونات السعودية. أهلا بكم إلى شوراعه الخلفية التي تنوء بالقذارة على مختلف أنواعها من عنصرية وطائفية ولا تسامح. أهلا بكم إلى عالم ظننت في البداية أنه سيكون مكانا يتحاور فيه جيل جديد من السعوديين ليرتقوا بأنفسهم ووطنهم إلى آفاق أخرى، ولكن... لا فائدة.

ولكن قبل الدخول في التفاصيل، إليكم هذه القصة التي تروى من تراثنا غير الأصيل: يحكى أن مملكة من النحل كانت تعيش في رغد وسعادة، تحت حكم ملكتها التي كانت تحسن إلى رعيتها، فتسعى إلى صلاح شؤونهم، وإقامة ما اعوج من أمورهم، فسارت بأخبارها الركبان، وطبقت شهرتها الآفاق. وفي أحد الأيام، جاءت حشرة سوداء صغيرة إلى المملكة، ودخلتها خائفة وجلة، لكن ما كان من الملكة إلا أن رحبت بها، وأحسنت ضيافتها. حين رأت الحشرة كيف يحب النحل ملكتهم، استبدت بها الغيرة، وأرادت أن تحتل مكان الملكة في الأضواء بأي شكل. بدأت الحشرة تنفث سمومها في أرجاء المملكة، تدبر المكائد والفتن، وتحاول التقرب من مصدر الضوء أكثر فأكثر. ظنت أنها إن استطاعت أن تكون أقرب من الضوء، فستسطيع أن تزيح الملكة عن عرشها. اقتربت الحشرة من الضوء، ثم اقتربت أكثر، ولم تدرك عاقبة فعلها إلا عندما أعمى الضوء الشديد بصيرتها، وأحرقت حرارته جسدها الهزيل، فماتت غير مأسوف عليها.

والآن، عودة إلى موضوعنا: في شهر يوليو الماضي، استهلت أحد المدوِّنات السعوديات كتاباتها بشتم مباشر للشيعة. وبما أنني كنت - ولا أزال - في موقع المسؤولية لمجتمع المدونين السعودي، فقد كنت أحرص على الإطلاع على آخر الإضافات التي من الممكن أن تثري عالمنا الصغير آنذاك. قرأت الموضوع، لكنني لم أكترث للرد عليه لسببين: الأول، هو أني عادة ما أتجنب الدخول في نقاشات من هذا النوع نتيجة لخبرات سابقة جعلتني أستنتج أن معظم هذا النقاشات لا طائل من وراءه، والثاني، هو أن اللغة المستخدمة بدت لي أوضع من أن تستحق الرد عليها. مع هذا، أخذت بحسن الظن، وقلت لنفسي: لعله كلام كُتب في لحظة غضب ووُضِع في غير موضعه. تابعت الردود المطروحة، ولكنني لم أكن أنوي التدخل للأسباب المذكورة آنفا.

كدت أطوي الموضوع وراء ظهري، حتى تلقيت طلبا من الصديقة العزيزة فرح، التي يجمعني بها احترام متبادل وعمل مشترك، بأن أرد على الكلام المكتوب كوني شيعيا. رفضت في البداية، وترددت كثيرا، لكنني في النهاية رضخت لرجاءها وكتبت ردا حاولت فيه ما استطعت أن أكون هادئا وعقلانيا. لم أعلم أن ذلك الرد، وبدلا من أن ينهي الجدل الذي بدا لي بلا طائل، سيفتح أبواب الجحيم على الجميع. شعرت بالإحباط الشديد، وأدركت مرة أخرى أن (لا فائدة).

في ذلك الوقت، كان مشروعنا الصغير في بدايته، وكدت من فرط الإحباط أن أستسلم وأترك الأمر برمته. لكنني في النهاية، وبمساعدة بعض الأصدقاء، اقتنعت أن أي مجتمع هو أرض قد تنبت فيها الأشواك كما قد تنبت فيها الأزهار، وأننا سنمر بمشكلات بين وقت وآخر، لكننا كنا عقدنا العزم على أن نتخطاها - بإذن الله -.

بين تلك الفترة واليوم، استهدفت تلك المدوِّنة الشيعة مرة أخرى، لكنني لم أكترث لأن أمر الدخول في نقاشات من ذلك النوع كان محسوما بالنسبة لي. لكن، الآن، أعتقد أن هذا الأمر قد تخطى حدود المعقول. لقد تخطى الأمر مهاجمة الأفكار ليصل إلى هجوم على الأشخاص، وتعدى الأمر شتم الشيعة ليصل إلى شتم من يحترمهم أو يقف موقف الحياد منهم. هل هذا الكلام هو ما عنته حين قالت بأنها تحترم شخصي المتواضع؟ على أي حال، لست أكترث إن كانت تحترمني أم لا، لأن قيمة الاحترام تكمن في صاحبه بقدر ما تكمن في متلقيه. ولست في شأن الرد عليها، لا أصالة عن نفسي، ولا نيابة عن الأسماء الأخرى المذكورة التي لا تحتاج إلى كلماتي للدفاع عنها. معظمنا يعرف من يكون هؤلاء، ولن تنقص تلك الإهانات الصغيرة من شأنهم، مهما علا الجدل من حولها.

من المؤسف جدا أننا نبذل قصارى جهدنا لنبني مجتمعا متماسكا يسوده الاحترام المتبادل، فيما لا يتوانى البعض عن بث سموم التفرقة والعنصرية البغيضة. من المؤسف جدا أن يشعر بعضنا بالضيق لأن عمله الجيد لا يقابل بالاهتمام المأمول، فيما يحظى من يشعلون نار الكراهية ببقعة ضوء لا يستحقونها. أشعر بالإحباط والغضب، لأنني لم أكن أتوقع أنني سأضطر أن أقول لأحد ما أنه غير مرحب به في مجتمعنا. أتمنى أن لا يصل الأمر إلى هذه المرحلة، لكنني لا أستبعد أي احتمال في سبيل المحافظة على هذا المجتمع.

هناك ٣ تعليقات:

  1. أتفهم تماما وجهة نظرك.

    ردحذف
  2. عزيزي رياضاوي:
    أنت على حق عندما تقول أن عالم المدونات لم يصبح بعد مثل عالم المنتديات الذي يعج بأنواع كثيرة من التطرف والطائفية والعنصرية، لكن أخشى ما أخشاه هو أن تنتقل العدوى. ربما تكون ردة فعلي هذه نتيجة لأني توسمت الخير أكثر من اللازم، وظننت أن المدونات ستفتح مجالا جديدا لجيل صاعد من الشباب السعودي القادر على الحوار وتفهم الآخر، بعيدا عن غثاء المنتديات وحماقاتها. وكما قلت، لندعُ الله جميعا أن لا يتحول عالم المدونات إلى نسخة أخرى من تلك المنتديات التي أضرتنا كثيرا.

    ردحذف
  3. اخي المسلم العزيز,
    بالعادة انا لا اكتب بالمنتديات او المدونات, واذا كتبت فذالك يكون بالانجليزية لكنني رايت بالصدفة الموضوع هذا ورأيت ان اعلق,,

    انا مسلم فلسطيني اعيش بالاردن, ربما لا اكون عالما بالشريعة لكني بطبعي اعشق الدين الاسلامي وقرأت ما يكفي من الكتب والاحاديث لكي اتكلم عنه,على الاقل بنظري,

    لا اعرف اذا كنت ستصدق انني عشت حياتي كلها وانا لا اعرّف نفسي بكوني مسلما سنيا, ببساطة لا افهم معنى كوني سنيا! فلسطين والاردن والعالم الذي اعرفه لا يفهم معنى السني والشيعي, استطيع ان اتحدث فقط عن المسلم والمسيحي في هذا العالم الذي اعرفه.

    منذ بداية احتلال العراق الشقيق بدأت موجات من الاخبار والمعلومات بالدخول الى هذا العالم, اصبحت كلمة الشيعي والسني مطروحة بشكل مريب, اصبحت ارى اصحاب العباءات السوداء بكثرة, سمعت عن المرجعيات و الائمة الاثنا عشر لأول مرة في حياتي!
    دعني ادخل في الموضوع, بسبب فضولي وحبي للاسلام رأيت ان ان ابحث في المسالة الشيعية, مما جعلني اقرا الكتب واستمع للعلماء الشيعة واخيرا ان اتحدث اليهم عبر النت, علي ان اقول ببساطة ان من يدعي بانه سني اكثر منطقية وعقلا من الشيعي لاسباب ساذكرها, لكني اذكرك بانني لا اعتبر نفسي سنيا ولن اقول ذالك ما حييت انا مسلم على المنهج المحمدي, اهم السباب التي اوصلتني الى هذا هو ان السني لا ينكر اي شيئ رئيسي يراه الشيعة, يرى الشيعىة ويذكرون انفسهم دوما بان ال البيت اطهار والسنة الذين تربيت بينهم يصلون على ال محمد في كل صلاة,الائمة الثني عشر (المعصومين بنظر الشيعة) لا يمكن ان يرد فضلهم عند اهل السنة اذا ثبت صلاحهم تاريخيا وحتى اكثر المعادين للشيعة لا يسب احدا منهم, القصص الهائلة التي تتحدث عن ال البيت عند الشيعة تقترب من الخيال ولا يقبلها رسول الله نفسه,المسالة العظيمة الاهمية هي مسالة صحابة رسول الله ابو بكر وعمر وعائشة!! وصلتني رسالة عبر الايميل من منتدى شيعي تحمل بعض رؤوس العناوين مروسة بالعنوان, "عمر بن الخطاب يمسح وجهه بنعله بعد انتهاءه من الطعام" دخلت الى المنتدى واذا بي اقرا ما جعلني اتقيا, سباب على عمر بن الخطاب!!! لو ان احدا من الصحابة يستحق تمثالا لكان عمر, وابو بكر! الرجل العظيم خليل رسول الله الذي نزل فيه قرآن يتلى من سبع سموات!! يسب ويكفر من قبل العشرات, بعد ذلك شروحات للمنهج الشيعي من قبل الكثيرين تتحدث عن الصحابة الكفار وغير الكفار!! امر غريب, دعني اعود الى اسبابي الاولى, هل لك ان تخبرني بان السنة يصنفون الائمة بالكفار ويسبون علي بن ابي طالب, لقد تربيت وانا اعشق هذا الرجل واسمع احاديثه الحكيمة ولرائعة, زين العابدين, اذكر تماما القصيدة التي حفظتها في المقرر المدرسي للدولة السنية الاردن,

    النقطة الخرى هي: لم اجد مرة واحدة في حياتي نصا في مسجد او مدرسة او جامعة يذكرني بانني سني وليس شيعي, بينما تعج اماكن الشيعة بالعكس, ان يخالف الجار جاره بالعيد مسالة عادية ومقبولة!! اتق الله, لو روي لرسول الله هذا ماذا سيقول؟؟

    لا اريد ان اطيل يا اخي وانا اعتذر عن الكتابة متاخرا كثيرا لكني كما قلت رايت الموضوع صدفة واحسست بانك شخص عقلاني,,
    شكرا والسلام عليك

    ردحذف