السبت، ٢٠ نوفمبر ٢٠٠٤

فيروز

أحسد كثيرا ذلك الجيل الذي عاصر بدايات (فيروز) وألقها الذي لا يزال مستمرا حتى اليوم. أحسدهم لأن هذه الرائعة كانت صوتهم، وكانت الطريق التي يوصلون بها مشاعرهم إلى من يحبون.

أنا أنتمي إلى جيل مختلف، مغرق بالعديد من الأشياء التي لا أود ذكرها هنا حتى لا أفسد نكهة هذه الأسطر، وهذه المسافة التي تفصل جيلي عن (فيروز) تجعلني في كثير من الأحيان جاهلا ببعض أروع ما شدت به على مر هذه السنين الطوال.

قبل فترة قرأت في أحد البلوغات (أو سمها المدونات إن شئت) مقارنة بين فيروز وأم كلثوم، وفي معرض تعليق أحد الفتيات الكويتيات -التي كان الأمر بالنسبة لها كما هو بالنسبة لي: لا مقارنة- كتبت بضعة أسطر من إحدى أغنيات فيروز. كانت كلمات جميلة، لكنها لم تعلق في بالي بشكل كاف لكي أبحث عنها، لأني كنت أقرأ على عجل.

قبل يومين كنت أنقب في جهاز أحد الأصدقاء، ووجدت تلك الأغنية. نقلتها إلى جهازي دون فضول شديد. تركتها لفترة، ثم أضفتها إلى قائمة موسيقية أستمع إليها بينما أكون منهمكا في أعمال أخرى. وسط انشغالي بتلك (الأخرى) انساب صوت فيروز إلى سمعي مثل ريشة طائر سقطت من غير قصد وحملتها الرياح على مهل:

دخيلك يا أمي .. ما أدري شو بني
اتركيني بهمي .. زهقانة الدنيي
باذكر من سنة .. وأكثر من سنة
شفته تحت اللوزة .. بـ هالفي الهني
وما بعرف عطاني .. يمكن سوسنة
ومن يومها يا أمي .. ما أدري شو بني

الأغنية، مثل كثير من أغنيات فيروز الأخرى، قصيرة المدة (2:57 دقيقة)، لكنها عميقة الفكرة، غزيرة الإحساس، دفاقة العاطفة. إنها قصة -ربما- عاشها كل واحد منا في وقت مبكر من سني المراهقة. ذلك الحب.. حب النظرة الأولى والكلمة الواحدة.

هناك تعليق واحد:

  1. غير معرف١٠/٣/٠٥ ٢٠:١٤

    قد نكون أحببنا فيروز لأنها تعود بنا إلى طبيعتنا
    إلى حيث العفوية والبساطة
    رغم أن معظم كلمات أغانيها بسيطة إلى حد البراءة، إلا أنها كما سبق و أن أشرت في بلوغتك ..غالباً ما تمثل " قصة عاشها كل واحد منا في وقت من سني عمره"..

    قد لا تمثل فيروز جيلنا ولكنها حتماً تمثل براءتنا و فرحتنا...

    عندما زرت لبنان...لم أجد أفضل من صوت فيروز لكي أعيش أجواء هذا البلد الجميل!
    ذات النظرة كانت لرجل خمسيني...كان يفتح آذانه كل صباح على صوت قيثارة لبنان..على صوت فيروز...

    قد يكون لكل منا نظرته...و لكل منا عقليته التي تمثل جيله...

    ولكن فيروز جمعتنا من دون أن نشعر...و إن اختلفت مشاربنا

    جمعتنا ببساطتها المعتاده و عفويتها العجيبة
    لا زلت أذكر أنها كانت تشدو برائعتها:

    حبيتك تَ نسيت النوم..يا خوفي تنساني
    حابسني براة النوم..و تاركني سهرانه
    أنا حبيتك حبيتك..أنا حبيتك حبيتك

    ردحذف