الخميس، ١٨ مارس ٢٠٠٤

لا يـدري

ــ كيف حالك؟
ــ لا أدري، ربما أنا بخير!
طريقتها الجادة في طرح السؤال جعلته يجيب إجابة غريبة على سؤال غالبا ما نكذب في الإجابة عليه. حسنا، ربما كان بخير.. ربما لم يكن كذلك. إنه حقا لا يدري. هل هو سعيد أم حزين؟! لا يدري تماما. أردف إجابته تلك بجملة أخرى:
ــ أنا لا أزال على قيد الحياة!
في الوقت الذي تخامر نفسه شكوك حول الأسباب التي تدعوه إلى تكبيل نفسه بقيد الحياة: كل تلك العبثية، وكل تلك الحماقات التي متلبسة بعباءة الحياة.
ــ لا يبدو أنك على ما يرام. أنت لست قادرا على تجاوز ما حصل حتى الآن.
بدا كأنها كانت تنتظر أن يكمل كلامها، لكنه التحف بصمته مدة جعلتها تعاود حديثها الذي تعلم كم هو مكرور وممجوج:
ــ أنت تعلم أن لا سبيل لذلك سوى النسيان. من المستحيل أن أقول لك انسَ فتنسى، لكن ليس بيدي شيء آخر.
ران الصمت لثوان قليلة، ثم جاء صوته بنبرة هادئة وحزينة:
ــ ابقي معي لأطول وقت ممكن. تكلمي معي كثيرا عن أشياء كثيرة. أنا لا أريد أن أنسى، أريد فقط أن أكون مشغولا لأطول وقت ممكن.
أخذت نفسا عميقا، وأغمضت عينيها على ابتسامة صغيرة لم يلحظها لأنه عاجلها بذات النبرة الهادئة:
ــ أعلم أنك لا تستطيعين. مرة أخرى أنا أطلب المستحيل.
ــ لا، أنت لا تطلب المستحيل، لكن.. لا أدري..
كان متأكدا من أنها لن تكمل جملتها تلك. طأطأ برأسه إلى الأسفل وقبل أن يرفعه كان قد بدأ كلمات متقطعة:
ــ أنا أيضا لا أدري.. لا أدري