آه، كم أنا مَهموم يا صديقي القروي. بل إنّ في صدري من الهموم ما تنوء كل
هذي الرافعات التي تشمخ في سَماء الرياض بِحمله.
بين هَم قلبي المكسور، وهَم هذه الكتب التي أتعثر في دراستها، وهَم البعد عنك
وعن أصدقائي الذين يُهدهدون شغاف قلبي حين ألقاهم، وألف هَم وهَم غيرها
تتنازعني بين لَحظة وأخرى.
أنا مُتعَب يا صديقي؛ متعب حتى الاحتضار. أعاني بصمت، لأني لا أجيد الكلام
ولأني لا أجد أحدا يُجيد الاستماع إلي. ومع مرور الساعات، تتكالب علي
المزيد من أكدار هذه الدنيا وأقدارها المؤلِمة. وصدّقني أن الألَم ليس إلا يزيد حين
أدرك أن لا مَخرج من هذه الحال، ولا سبيل إلى الهروب مِنها أو إلى غيرها.
وأنا ضعيف يا صديقي، وعاجز يا صديقي. أنا أضعف من أن أقاوم زحف الوجع،
وأضعف من أتَحمّل وأصبر. وأنا عاجز، كما يليق بالعجز أن يكون؛ عاجز عن
الكلام، عاجز عن الكتابة، عاجز عن التفكير، بل إنني عاجز حتى عن النوم؛
الذي إن تلطّف عليّ ببعض هنيهاته لا يلبث أن يروعني فيها برؤى الفقد والحرمان.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق