الأربعاء، ١ رجب ١٤٣٠ هـ

غفوة

كانت كلما أرهقها الركض وسط بحر الحمقى طلبت منه المجيء كي تفضي إليه بما أهمها. «لا تجعلني أتوسل إليك...». كانت كلما أنهكتها تناقضات الرياض لجأت إلى أخذ غفوة قصيرة منتصف اليوم، وكان مكانها المفضل حين تحب أن تغفو بين ذراعيه النحيلتين. كانت تضع رأسها على صدره، ويلف ذراعا حولها. تقول له: «خمس دقائق فقط». مغمضة العينين، تبحث يدها عن يده، وتشبك أصابعها بأصابعه. تتنهد، ثم تبتسم نصف ابتسامة. يراقب ملامح نصف وجهها الجميل المتعب، فيما النصف الآخر غائص في جسده. ينظر إلى المسافة بين حاجبيها، ويتأمل أنفها الذي يحلو له مداعبته كثيرا. «لم أتوقع يوما أن أنفا سيعجبني إلى هذا الحد». يمسد شعرها بأنامله، يطبع قبلة ناعمة على رأسها. يتذكر أمرا يود إخبارها به، لكنه لا يريد أن يزعج غفوتها الآن. يحاول جاهدا أن لا يتحرك على الإطلاق، حتى لا يقلق راحتها المؤقتة. يكتفي بالنظر إليها، والتفكير بما هو آت. يدرك أن القادم لن يكون يسيرا، فيدفن أفكاره في أبعد زاوية من رأسه، ويقرر أن من الأفضل الاستمتاع بهذه اللحظة فحسب. ترفع رأسها قليلا، وتسأله بتبرم ودلال: «هل انتهت الخمس دقائق؟». ليس بعد، يقول لها، «تعلمين أنك تستطيعين البقاء هنا حتى تكتفين».

هي لم تستطع البقاء هنا، وهو لم يكتف أبدا.

هناك ٣ تعليقات:

  1. جمال الحب يكمن في انه لايمكن لأحد الأكتفاء منه

    واذا كنت من مغتربين الرياض يصبح الاكتفاء كلمة مضحكة لا تجدها إلا في قواميس النكت السخيفة التي لا تجد للضحك طريق عند سماعها

    فليكتفي بالقناعة بخمس دقائق حتى لاتسلب منه ويحلم حينها فقط بخمس ثواني لايجد منها إلا دقاتها

    ردحذف
  2. غير معرف١٨/١/٣١ ٠٥:٥٤

    هذي ثامن مره اقرائها ... رائعة
    دايركت على المفضله

    ردحذف
  3. غير معرف٢٨/١/٣١ ١٥:٣٤

    اغفو غفوة جميله كيف لي ان اعلم انها جميله
    ربما تحمل في طياتها حلم مزعج

    لا تجكم على الاشياء دون ان تجربها

    ردحذف