أنت حشرة حقيرة... معليش

كنت جالسا على أحد المقاعد الموجودة في بهو الكلية، واضعا شنطتي على المقعد الفارغ إلى يساري، فيما كان وجهي مواجها لأحد زملائي الجالس على يميني، منشغلا بنقل بعض الأسطر من إحدى أوراقه، حين... رأيت شنطتي تُرمى على الأرض عند قدمي وتتناثر محتوياتها أمامي. ما سمعته بعد ذلك كان كلمة «معليش» من الشخص الذي رمى الشنطة ليجلس مكانها. استبد الغضب بي إلى درجة أنني فكرت في أن ألتفت إليه وأقول: «معليش، ولكني سأحشر هذا القلم في مؤخرتك القذرة!». أدركت على الفور أنني أكثر تهذيبا وجُبنا من أن أفعل ذلك، فلملمت محتويات حقيبتي صامتا. ولكنني حقا أريد أن أعلم ماذا تعني هذه الـ«معليش» بحق الجحيم؟ أنا أفهمها على هذا النحو: «أنا لا أعتبر ما قمتُ به خطأ، لن أعتذر لك، وعليك أنت أن تتحمل».

قبل لي مسبقا أن في أهل نجد جلافة وقسوة، لكنني لم أعد أحتمل. الناس هنا فظون إلى درجة يضعون بها تعريفا جديدا لمستوى من الفظاظة غير مسبوق. هل أنا أطلب الكثير إن توقعت أن يسير الأمر على هذا النحو:

ــ هل من الممكن أن تبعد شنطتك كي أجلس، لو سمحت؟
ــ طبعا، تفضل
ــ شكرا..

هل لاحظتم «لو سمحت» و«شكرا»؟ ذلك الأحمق لم يقل حتى «آسف» وهو يرى محتويات شنطتي تتبعثر على الأرض. أرجو أن لا يأتي أحمق آخر ليقول لي بأني أعمم. لقد عشت في هذه المدينة بما يكفي لألاحظ ما هو سائد وما هو استثناء. وبالمناسبة، تلك لم تكن الفظاظة الوحيدة هذا الأسبوع، فقبلها بيوم فقط كنت أنتظر دوري لاستخدام أحد الأجهزة بمعمل العقاقير بالكلية، لأجد أحدهم يدور من حولي ويستلم الجهاز ليعمل عليه دون أن يرمش له طرف. وكما حصل في المرة الثانية، فضلت الصمت على أن أسمع كلمة «معليش» التي باتت تثير أعصابي وقرفي على حد سواء.