الثلاثاء، ٢٧ سبتمبر ٢٠٠٥

علاقات مُختلة

لا أعتقد أنني أضيف جديدا عندما أقول أن مجتمعنا يعاني من فصل شديد وغير مبرر بين الجنسين، ويبدو لي أن مضار هذا الفصل أكثر من منافعه بكثير. أنا على ثقة بأن الكثيرين سيقرؤون هذا الكلام، وسيرمونني على الفور بتهم إفساد المجتمع والدعوة إلى الاختلاط. التهمة الأولى لا تستحق بذل مجهود للرد عليها لأنني فرد من هذا المجتمع، ولا أعتقد أن أي منتم لأي مجتمع سيكون سعيدا بفساد مجتمعه.

أما التهمة الثانية فالرد عليها بسيط جدا: الاختلاط ليس محرما أصلا. وهؤلاء الذين يرون تحريمه بناء على قاعدة سد الذرائع قد لا يكونون على صواب، لأن المسألة في النهاية مسألة تقدير. ومن وجهة نظري، فإن قاعدة سد الذرائع هذه قد جلبت لنا من المفاسد أكثر مما جلبت من المصالح. هؤلاء الذين يحتجون بهذه القاعدة لمنع كل ما لا يروق لهم هم أساطين ثقافة الخوف، ومن المؤسف أن مجتمعنا قد وقع أسيرا لهذه الثقافة.

أعتقد أن هذا الفصل "الحاد"، كما وصفه الكاتب سعد البازعي، قد سبب الكثير من المشكلات لمجتمعنا. وأحد أهم هذه المشكلات هو الشكل المختل للعلاقات بين الشباب والفتيات. هذا الفصل أدى إلى خلق مجتمعين منفصلين بين الشباب والفتيات، وبسبب الحواجز الكثيرة أصبح مجرد الفضول لمعرفة ما يمكن أن يوجد وراء الطرف الآخر من السور جريمة خطيرة. والمنع، والتهويل، والترهيب، ليست بذات جدوى في هذه الحالات، فالممنوع - كما تعلمون - مرغوب دائما. ولا بد من الاعتراف بأن الانجذاب بين الجنسين هو غريزة فطرية وأمر طبيعي منذ بداية التاريخ.

الأمثلة لاختلال شكل العلاقات بين الشباب والفتيات في مجتمعنا كثيرة، ولست في وارد تعدادها هنا. لكن الصورة العامة يمكن تلخيصها في الآتي: المجتمع يصور الشباب كذئاب بشرية هدفها الوحيد هو الجنس والمتعة، ويصور الفتيات ككائنات ضعيفة لا تحسن التصرف يجب وضعها في صناديق مغلقة ومظلمة حتى لا يمكن لأحد الوصول لها. ما يحصل بعد ذلك، هو أن الشباب يغضب من التصوير السلبي ويقوم بارتكاب الخطأ من باب العناد وإغاظة الأوصياء، وأن الفتيات يحاولن الخروج من الصندوق حتى لو اضطرهم الأمر إلى أخذ الطريق الخطأ.

ما نحتاج إليه هو تنظيم العلاقات بين الشباب والفتيات بشكل يوفر لهذه العلاقات النمو بشكل صحي، ويضعها في إطارها الصحيح. بحيث إن حصل الاتفاق كان طريقا مؤديا إلى الهدف الأسمى لعلاقة إنسانية من هذا النوع، وإن لم يحصل الاتفاق كان الانفصال بشكل يوفر لكل طرف كرامته بلا ابتزاز أو نفاق. يجب على الجميع التخلص من سطوة ثقافة الخوف المسيطرة، ويجب على المتعنتين النظر إلى الأمور بواقعية. الوقت لا يسير في صالحنا، وأظن أن نسبة الطلاق العالية، والزيجات غير السعيدة، مؤشر واضح على وجود هذا الخلل المذكور آنفا.

هناك ٥ تعليقات:

  1. أهلاً يا أحمد ..
    تصدق .. أنا سعيد بإكتشافي لبلوقك العربي .. لأنني أستمتعت بقراءة إسلوبك شعراً و نثراً

    كلامك في هذا الموضوع صحيح 100\100
    الفصل القسري الحاصل نتيجته أمراض نفسية و إجتماعية نراها بأم أعيننا .. لكن في مجتمع يخاف من نفسه .. لأن الشاب ذئب و الفتاة نعجه هبله .. سيستمر الوضع ... لحين

    للأسف أن الكثير من الشباب لازالوا في سبات .. أتخيل أن الفتاة السعودية سيكون لها يد أطول في حصول التغيير

    خلي بالك من قلبك يا أحمد .. :)

    ردحذف
  2. أسف يا أحمد .. نسيت أقول شئ مهم ..

    لدي زميل في العمل من طائفة المورمن .. و هم مشابهين للمسلمين في عدة أمور.. منها منع العلاقات الجنسية خارج الزواج .. لكن لديهم الكنيسة تضطلع بدور رئيسي في تقديم علاقات نظيفة بين أبناء الكنيسة و الأمر ناجح على نطاق معقول جداً.. أين دور مؤسساتنا الدينية و الإجتماعية؟
    للأسف كثير منها له يد في تخلفنا .. و ليس تقدمنا

    ردحذف
  3. من الجميل أن أجد أحدا يوافقني على وجهة نظري في هذا الموضوع الشائك. شكرا على كلماتك اللطيفة.

    ردحذف
  4. وهل تعتقدين يا عزيزتي أن في صحافتنا من يتمتع بالشجاعة الكافية لنشر كلام كهذا؟ ربما كان هذا من جمال الإنترنت، أنها تتيح لأي صوت أن يظهر ويصل إلى العالم

    ردحذف
  5. غير معرف٤/٢/٠٧ ٢٠:١٤

    تحية طيبة ،،

    اهلا اخي الكريم احمد اولا سعدت بكتاباتك الجميلة

    ولي تعليق بيسط

    اولا اخي الكريم

    انت قلت في معرض كلامك
    ----------
    أن مجتمعنا يعاني من فصل شديد وغير
    مبرر بين الجنسين
    -----------
    ليتك ذكرت بعض الامثلة على ذلك !!

    هل فصل الذكور عن الاناث في مقاعد الدراسة يعتبر فصلاً غير مبرر !!!

    مع ان الدول الغربية راعية تحرير المرأة و مساوتها بالرجل قد تنبهت لهذا الخطر و بدأت بالفصل بين الجنسين

    فقط ما ذكرت انا هو مجرد مثال

    -----
    مضار هذا الفصل أكثر من منافعه بكثير
    -----

    جملة فضفاضة للأسف و لا تحمل اي محددات

    هل هناك دراسة اجتماعية مفصلة حتى تطلق مثل هذا الحكم!؟

    -------
    وسيرمونني على الفور بتهم إفساد المجتمع والدعوة إلى الاختلاط
    -------

    بالعكس اخي الكريم بالنسبة لي على الاقل انت تطرح وجهة نظر احترمها جدا


    -------------
    التهمة الأولى لا تستحق بذل مجهود للرد عليها لأنني فرد من هذا المجتمع،
    -------------
    اتفق معك في هذا لكن قد يكونو هناك من يعطي رأيا او يعمل عملاً قصده فيه الخير و خدمة المجتمع لكنه اخطأ وهذا يقع منا جميعا فلا يكفي حسن النية لجعل النتائج جيدة
    ----
    الاختلاط ليس محرما أصلا
    ----
    اولا يجب ان نعرف معنى الاختلاط !!

    بعدها نستطيع ان نحكم!

    -----
    قد سبب الكثير من المشكلات لمجتمعنا. وأحد أهم هذه المشكلات هو الشكل المختل للعلاقات بين الشباب والفتيات. هذا الفصل أدى إلى خلق مجتمعين منفصلين بين الشباب والفتيات، وبسبب الحواجز الكثيرة أصبح مجرد الفضول لمعرفة ما يمكن أن يوجد وراء الطرف الآخر من السور جريمة خطيرة.
    ------

    هل ارجعت المشاكل التي تحصل بين الشباب و الفتيات بسبب انه لا يوجد اختلاط!!!

    اخي الكريم ...

    لنلق نظرة في احدى الدول المجاورة او التي لا يعنيها امر الاختلاط شيئا ونعمل دراسة ستجد ان تلك المشكلات قد ازداد حجمها و كثر عددها...

    اليك هذه الاحصائية
    =====
    وفي سلسلة تحقيقات نشرتها "الديلي ميل" البريطانية ذكرت احصائيات عن المدارس المختلطة البريطانية نتج عنها ان 80 في المائة من الطالبات يحملن اقراص منع الحمل، وفي احصاء اجرى في مدينة دنفر عاصمة كولورادو الامريكية ان 48 في المائة من طالبات المدارس الثانوية حوامل دون زواج بينما تجاوز عددهن في مدارس نيويورك وحدها 2487 حاملا في عام واحد. وفي منطقة ويلز بانجلترا اجريت 17 الفا و745 عملية اجهاض خلال ثلاثة اشهر من عام 1971م. وان الولادات غير الشرعية في فرنسا وصلت عام 1981م الى مائة الف طفل بنسبة 14.2 في المائة من عدد المواليد منهم 11 الف طفل لامهات اعمارهن 15 سنة وبالطبع غير متزوجات. ويبلغ عدد اللقطاء في امريكا 10 مليون لقيط. وفي كل 20 دقيقة تقع جريمة اغتصاب واحدة في ولاية كاليفورنيا (3) وجاء في احصاء اعدته اجهزة الشرطة ان عدد حالات الاغتصاب التي تتعرض لها السيدات كل يوم في مدينة لندن فقط والتي يتم التبليغ عنها تصل الى حالتين. وفي اعتراف لبعض السيدات اقرن أنهن أقمن العديد من العلاقات الغير شرعية قبل وبعد الزواج.
    ========

    السؤال الطبيعي و المنطقي هل الاختلاط هو من يزيد او ينقص من تلك الاعداد الاحصائية !!!

    =====
    ولا بد من الاعتراف بأن الانجذاب بين الجنسين هو غريزة فطرية وأمر طبيعي منذ بداية التاريخ.
    =====

    احسنت اخي الكريم ملوحظة رائعة و لأن كان الانجذاب امر فطي و طبعي كانت تلك الارشادات الربانية و التوجيهات النبوية لتحكم تلك التصرفات الطبعية و لكي تفرق بين الجنس البشري العاقل و الجنس الحيواني الشهواني

    =====

    المجتمع يصور الشباب كذئاب بشرية هدفها الوحيد هو الجنس والمتعة، ويصور الفتيات ككائنات ضعيفة لا تحسن التصرف يجب وضعها في صناديق مغلقة ومظلمة حتى لا يمكن لأحد الوصول لها. ما يحصل بعد ذلك، هو أن الشباب يغضب من التصوير السلبي ويقوم بارتكاب الخطأ من باب العناد وإغاظة الأوصياء، وأن الفتيات يحاولن الخروج من الصندوق حتى لو اضطرهم الأمر إلى أخذ الطريق الخطأ
    ========
    تبرير غير منطقي اخي الكريم و انا اخالفك في هذه النقطة اذا كانت تلك التصرفات مردها العناد و الخروج من الصندوق فقد ندخل في متاهات اخرى بعيدة عن هذا الموضوع
    =================
    ما نحتاج إليه هو تنظيم العلاقات بين الشباب والفتيات بشكل يوفر لهذه العلاقات النمو بشكل صحي، ويضعها في إطارها الصحيح
    =====

    فكرة جميلة و رائدة في وضع بعض الحلول وما المانع ...

    لكن لم تذكر اخي الكريم كيف تنظم تلك العلاقات !!
    هل تضع عليهم رقيب مثلا ...ام تحذره من الانجراف و راء فطرته!

    ======
    يجب على الجميع التخلص من سطوة ثقافة الخوف المسيطرة، ويجب على المتعنتين النظر إلى الأمور بواقعية. الوقت لا يسير في صالحنا،
    ======
    اتفق معك في هذا لكن يجب ان نمسك العصا من المنتصف فلا نفلت الزمام و لا نشد القيد بل نتبع منهج نبينا عليه السلام


    ======
    وأظن أن نسبة الطلاق العالية، والزيجات غير السعيدة، مؤشر واضح على وجود هذا الخلل المذكور آنفا
    ======
    انا لا اتفق معك في هذا اخي العزيز قد يكون جزء يسير لكنه لا يمثل الا نسبة ضئيلة - على الاقل من وجهة نظري -

    ومسألة الزواج هذا مبحث آخر و ديننا لم يترك شاردة و لا واردة في هذا الامر وهناك طرق شرعية تتعرف فيها اكثر على شريكة العمر منها الرؤية الشرعية و الخلوة بوجود محرم فتستطيع ان تستكشف اغوار شريكة العمر بكل يسر ....
    واعلم ان الله هو الموفق اولا و آخرا ...

    اعرف اني اطلت و اسهبت كثيرا لكن الموضوع شدني قليلا و اتخذت طريقة التعقيب في المنتديات فاعذرني اخي مجددا وليعذرني القراء ايضا


    واشكرك اخي الكريم ان افسحت لي مكاناً في مدونتك ،،


    ودمت موفقا

    ردحذف