الجمعة، ١٧ ديسمبر ٢٠٠٤

أمر غريب؟

كنت مع أبي في السيارة على طريق العودة إلى المنزل، وكان ذلك بعد وفاة عمي بفترة، حين سألني أبي: ألم تلحظ شيئا غريبا في وفاة عمك؟ قلت له: ماذا تقصد؟ قال: حين أعود إلى تصرفاته في الفترة الأخيرة، أشعر بأنه كان على علم بأنه سيموت قريبا. قام بزيارة جدتك وكلمها بطريقة لم يكلمها بها من قبل، ثم جمعنا جميعا وجلس معنا وكأنه يودعنا، كأنه كان يعلم بأنه لن يرانا مرة أخرى. بالإضافة إلى ذلك جهز وصيته، ثم سافر للزيارة وكأنه يرغب بأن يتوفاه الله هناك. أليس هذا غريبا؟ كيف يمكن أن يكون يعلم بأنه سيموت قريبا، ومع ذلك يتصرف بكل تلك السكينة والهدوء وكأن كل شيء على ما يرام؟
لم أعلم كيف أرد على أبي. قلت له: ربما كان يعلم بأنه سيموت، لكن إيمانه جعله يسلم أمره إلى الله. لم تكن تلك الإجابة كافية لإطفاء التساؤلات في صدر أبي، لكن هذا كان كل ما استطعت قوله. بعد فترة، علمت بأن أبي كان قد سأل نفس السؤال لأمي، وربما لأشخاص آخرين كذلك.
لم يمض شهر على كلامه، حتى انتقل هو أيضا إلى رحمة الله. لكن بطريقة مختلفة جدا. لم يبد أن أبي كان لديه أي إحساس باقتراب المنية، ولم نشعر نحن أن شيئا قد تغير. كنا نعلم بأنه كان حزينا جدا لرحيل عمي الذي أحبه كثيرا رغم كل شيء، وكانت تلك المرة الأولى التي أرى فيها أبي يجهش بالبكاء. لم أكن أعلم أني سأجلس إلى جوار مكانه الذي تقبل به العزاء في عمي لأتقبل العزاء فيه بعد أيام قلائل. رحمك الله يا أبي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق