الخميس، ٢ أكتوبر ٢٠٠٣

الطريقة السعودية

أن تكون سعوديا، فهذا يعني أنك مكبل تماما.. تقريبا! ـ
أن تكون سعوديا، فهذا يعني أنك يجب أن تتكلم بطرقة معينة، وتلبس بطريقة معينة، وتأكل بطريقة معينة، بل، وتعبد ربك بطريقة معينة: الطريقة السعودية. وحول هذه النقطة الأخيرة لا أعلم حقا لِمَ ينتقص السعوديون دائما من إيمان غيرهم، ويرون أن طريقتهم هي الصحيحة. حسنا، هم أحيانا لن يجرؤوا بأن يقولوا لك بأن طريقتك خطأ، لكنهم يعنون ذلك ضمنا، ويضمرونه لك في أنفسهم، ويصرحون به لبعضهم ـ
حسنا، أنا سعودي، ورغم كل ما يضايقني من تصرفات حاملي هذه الجنسية، لا أخجل من التصريح بذلك؛ لأن الوطن ليس من الأشياء التي يمكنك التخلص منها.. تماما مثل بعض الأمراض التي لا يمكن التخلص منها :) ! ـ
لكن "الطريقة السعودية" تسبب لي بعض المشاكل. فرغم أنني في النهاية حر، وليس لأحد من السعوديين أن يفرض علي طريقته (في الأمور الشخصية على الأقل.. تذكر أنني لا أزال أتكلم عن بلد عربي :) إلا أنهم يجيدون ممارسة المضايقات لمن لا يسير على "الطريقة". مثلا: أنا أرتدي الثوب (الزي الخليجي التقليدي، أو كما يسمونه هنا "الزي الوطني السعودي") بشكل أقل من ارتدائي للأزياء الأخرى. وفي إحدى المرات، ذهبت إلى إدارة الكلية التي أدرس فيها للحصول على ورقة فيها أربعة أرقام. والمسؤول عن هذه المهمة هو سعودي "مطوع" (حسب ما رأيته من أنه يطيل لحيته ويقصر ثوبه). قال لي: ارجع بعد صلاة الظهر. استغربت ذلك التأجيل لأن كل ما تتطلبه هذه المهمة هو بعض الضغطات على لوحة المفاتيح. ذهبت وعدت له بعد الصلاة. حسنا، أعطاني الورقة، ولكن بعد أن أمطرني بوابل من الأسئلة من قبيل: هل أنت سعودي؟ لماذا لا تلبس ثوب؟ لماذا... إلخ. صدمت، لنني لم أتوقع أن يكون أجل عملي البسيط عدة ساعات فقط لأنني لا أرتدي "ثوب"! ـ
ذلك الشخص استغل موقعه وضايقني بطريقته، أما الآخرون ممن لا يملكون سلطة علي فسيكتفون بالتحديق فيّ بطريقة معناها: "أنت لا ترتدي ثوبا.. أنت غريب.. أنت شاذ.. أنت لا يمكن أن تكون طبيعيا." وفي الغالب سيضيعون الثواني التي تتلو انصرافي من أمامهم بأحاديث من ذلك النوع ـ
على أي حال، لا يجب أن يخيفك ذلك من زيارة المملكة فهي "ليست سيئة"، بل يمكنني القول بأنها بلد "لا بأس به"! ومشاهداتي هذه تقتصر على معايشتي لأهل العاصمة "الرياض" فقط، في حين أن المملكة بلد ضخم يعيش فيه قرابة 22 مليون نسمة (تجري الحكومة هذا العام تعدادا للسكان هو الأول من نوعه منذ عشر سنوات :o)، منهم أربعة ملايين نسمة يسكنون العاصمة.