في أحيان كثيرة يتهيأ لي أن المجتمع لا يفهم شيئا اسمه "الخصوصية". بل إن كثيرا من يبالغ في التعدي عليها دون مسوغ أو مبرر مقنع. لماذا أقول هذا؟.. قبل شهر تقريبا حصل لي موقف سخيف: كنت أحضر محاضرة لمادة الثقافة الإسلامية في الجامعة. ومن عادتي أني "أشخبط" كثيرا وقت المحاضرات؛ أرسم أشياء وأكتب أشياء وغير ذلك. كتبتُ في دفتري ما أحب تسميته "قائمة قراءات"، وهي قائمة أضعها بين وقت وآخر تتضمن أسماء الكتب (وكتابها) التي أنوي قراءتها في الفترة المقبلة. وبينما أن أدون ذلك فوجئت بيد الدكتور تسحب الدفتر من يدي، وأخذَ يقرأ ما كنت أكتبه لدقيقة أو اثنتين ثم أعاد لي الدفتر. اعتراني بعض التوتر لأن تلك القائمة ضمت اسم تركي الحمد صاحب الثلاثية الروائية الشهيرة "أطياف الأزقة المهجورة"، وسبب التوتر أن تركي الحمد هذا كاتب يرميه "المطاوعة" في المملكة بالكفر والإلحاد والعلمانية و... إلخ. وقد ظننت لوهلة أن الدكتور لن يجعلها تمر هكذا ويمكن حتى أن (يرسبني) في مادته، لكني تذكرت أنه كثيرا ما ادعى بأنه من دعاة الحوار والوسطية والاعتدال. حين انتهت المحاضرة نادى علي، فقمت إليه متوترا مما سيقوله لي وكيف سأرد عليه، لكني فوجئت به يعطيني ورقة صغيرة فيها اسم موقع على الإنترنت وقال لي: ابحث عن هذا الموقع واقرأ فيه عن تركي الحمد والأطياف. فقلت له: حسنا
أهملت الورقة ليوم أو يومين ثم تذكرتها، فزرت الموقع واكتشفت أني قد وقعت عليه بطريق الصدفة سابقا وقرأت ما فيه؛ لكني لم أكترث له كثيرا لما لمسته من التعصب عند كاتبه. في الأسبوع التالي توقعت أن يسألني الدكتور عما قرأته في الموقع لكنه لم يفعل، واكتفى بأن أشار للموضوع بشكل متعمد في أحد محاضراته مظهرا أنه يتحدث بشكل عام رغم أنه كان يقصدني بشكل مباشر، وكان أفضل لو واجهني لأني كنت قد جهزت بعض الكلام للرد عليه، ولكن للأسف لم يحصل ذلك
ربما كنت سأقول له كلاما كثيرا، لكن أهم شيء أردت قوله له بأنه كان من عدم الذوق وحتى "الوقاحة" أن يسحب الدفتر الخاص بي ويقرأ ما فيه دون أخذ الإذن مني. لكن ما دام لم يعرف خصوصيتي حين أخذ الدفتر فهل سيفهم هذا الكلام؟ لا أعلم.. لكنه ربما كان سيفهم لو أخذت حقيبته وفتحتها وقرأت ما فيها أمام الملأ. حسنا، أنا لن أفعل ذلك فهذه ردة فعل متوترة، لكن ماذا بيدي كي أفعل؟ ما رأيك أنت؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق