الثلاثاء، ٢٠ يونيو ٢٠٠٦

مطلوب: مُلهِمة

أعترف بأني لا أكتب كما أشتهي مؤخرا، ولست في صدد التفكير في أسباب لذلك لأنني لست ممن يمنطقون الحياة على كل حال. على العكس، فلا بأس عندي بأن تحدث كثير من الأمور بلا سبب واضح. أشعر بالامتعاض كثيرا، وهذا ليس أمرا جيدا لأنه يمنعني من الاستمتاع حتى بأحب الأشياء إلى نفسي: لا أستمتع بالحديث مع الأصدقاء، ولا بالتسكع في شوارع المدينة، ولا بقراءة الكتب، ولا بالكتابة نفسها. من يعرفني عن قرب يدرك بأني إنسان بسيط، وأحلامي رغم ما يبدو من إتساعها هي أحلام بسيطة: حين كنت طفلا كان حلمي أن أكون... لن أضع حلم طفولتي هنا، ليس لأني أخجل منه فليس في أحلام الطفولة ما يخجل، لكن مجرد ذكره في هذا السياق الزمني ليس ملائما. وحين أصبحت مراهقا كان حلمي أن ألتقي بفتاة أحبها وتحبني وأقضي العمر كله عاشقا يكتب لها كلمات الحب وقصائد الغزل. لم أتخل عن هذا الحلم، لكنه رغم ما يبدو من بساطته أيضا، صعب التحقيق نظرا لأن مجتمعنا يجعل الأمر أكثر تعقيدا من المفترض.

عدم تحقق الأحلام جعلني ناقما، لكنني لم أحمل حقدا في قلبي على أحد، وهذه صفة ورثتها عن والدي. أنا لست في طيبته، ولم أرث عنه كثيرا من الأمور، لكنني سعيد لأن هذا كان أحدها. كبرت، وصار عندي حلم آخر: الحرية. لم أكن أتحدث كثيرا عن أحلامي مع الآخرين، وهذا الحلم الأخير ليس استثناء. وعن طريق الصدفة المحضة، وجدتني أتحدث عن حلمي هذا بدون استحياء عهدته في نفسي، ففوجئت بأن هناك في الخارج من يشاركني هذا الحلم بشغف يضاهي شغفي إن لم يتخطه. لم تكن تلك المفاجأة الوحيدة. المفاجأة الأخرى كانت أشد وقعا وأنكى وطأة: هذا الحلم أراني الكثير من الكره والحقد الذي لم أتوقع وجوده في هذا العالم. ألم أقل أني إنسان بسيط؟ حسنا، ربما كنت على علم بأن العالم مليء بالحقد والكراهية، لكنني لم يسبق أن رأيته يصفع وجهي المثقل بتجاعيد الهموم الصغيرة.

أشعر أن في رأسي الكثير من الكلام الذي يمكن أن يكون أخاذا، لكنني أعتقد ما يمنع خروجه هو انعدام الإلهام. وقد يصدم هذا البعض، بيد أنني لا أرى حولي من تستحق أن يسكب هذا الكلام، أو بعضه بين جنبيها. جزء من هذا الشعور عائد إلى عوامل زمنية، فرجعة الصيف على هذا النحو لم تعد لي ذكريات جميلة ليس من المفترض أن أتغنى بها، لكنها جعلتني أفتقد تلك الحالة من التوقد الذهني التي أحالت الكتابة إلى طقس لذيذ وغير متكلف. أكاد أكذب نفسي وأنا أقفز بين صفحات الأرشيف الموجودة على اليسار، لأرى أن ستة أشهر قد مضت دون أن أدون نصا واحدا تستمتع به ذائقتي المتواضعة جدا، وأستمتع بقراءته في نفس الوقت. أتساءل أحيانا: هل هذا صعب المنال إلى هذه الدرجة؟

هناك ٥ تعليقات:

  1. الملهمه قد تأتي صدفه وأن بحثة عنها

    هي الاقدار اخي

    ردحذف
  2. لا يمكن أن يتدفق الإلهام بشكلٍ مستمر، وإلا فقد حلاوته... وأحياناً، نحبّ الأشخاص فقط لنستوحي منهم. المهم، كل شي بوقته حلو :)

    ردحذف
  3. والله ياأخ أحمد الظاهر في بيننا الكثير من الصفات المشتركة..

    أنا أيضا كان عندي أحلام شبيهة...وأصبحت ناقم على العالم...بسبب التشرد الذي يعيش فيه شعبي والذي كان السبب الذي منعني من تحقيق أحلامي...

    ولكن الفرق أن تلك النقمة زادتني ضراوة ورباطة جأش, ممزوجة بغضب, واصرار...

    والحمدلله, وجدت مصدر إلهام...كان سبب في تحقيقي لانجازات لم أحلم بتحقيقها...

    عرف مصدر إلهامي ؟؟؟

    مصدر إلهامي هو شعبي المقهور...الذي يستحقق حياة أفضل, فأنا وان لم استطع تحقيق أحلامي, فسأكافح لكي يستطيع غيري تحقيق أحلامه..وهذا مصدر الهام وسرور كافي..ومصدر رضا والحمدلله...

    لازم تكتب, رغم الاحباطات..وان لم تستطع تحقيق أحلامك البسيطة...ساعد غيرك على تحقيق أحلامهم.

    ردحذف
  4. غير معرف٢١/٦/٠٦ ١١:٤٩

    العزيز أحمد

    سعيد أني وجدت مدونتك العربية أخيرا. وكما توقعتها، مليئة بالكتابة الجميلة العاقلة.

    أنا أيضا لم ابدأ الكتابة إلا بعد أن وجدت ملهمتي. كان شرطي كي أبدأ أن أجدها. وحين فعلت، لم تتوقف الأفكار والكلمات أن تنساب بين اصابعي.

    استمر بالبحث عنها ولا تتوقف. لأنك حين تجدها سيتغير العالم كله في عينيك، وليس أفكارك وكتاباتك فقط.

    وإلى أن يأتي ذلك اليوم، عليك بالأصدقاء الملهمين - وما أندرهم - ففيهم السلوان.

    تحياتي لك، ولمدونتك الرائعة.

    ردحذف
  5. غير معرف٢٣/٦/٠٦ ١٥:١٩

    الملهمة هي ما يبحث القدر عنه ليجلبه لك
    لا من تبحث عنه لتجده بنفسك

    كلنا نملك نفس الاحلام يا احمد
    كلنا نريد الحرية, الحب, التغيير

    وكل ذلك اضحى ضعيفا في ضمن مجتمع غبي!!
    يملك من العادات الكثير, والتي لا تحوي سوى على قولتنا – الهبل -

    www.arbstar.net/vb/

    ردحذف